وزارة الاتصالات المصرية تتعاقد مع شركة إزري!

كتب : محمد الجارحى

تعاقدت وزارة الاتصالات مع شركة «إيزري» الأمريكية المتخصصة في نظم المعلومات الجغرافية GIS لتوفير المعلومات الجغرافية للجهات الحكومية المصرية التي تعتمد علي تكنولوجيا تحديد المواقع الجغرافية بالأقمار الصناعية المعروفة بـالـ «جي بي إس» GPS وكانت محظورة في مصر حتي صدور تعليمات الرئيس مبارك المفاجئة أوائل أبريل الماضي بالموافقة علي تشغيلها.

وحصلت «الدستور» علي نص العقد الذي تم إسناده إلي الشركة الأمريكية بالأمر المباشر، ويشاركها فيه شركة كواليتي ستاندرز لتكنولوجيا المعلومات التابعة لمجموعة ألكان، وتم توقيع العقد في يناير 2009، وينص البند الثاني منه علي ألا يقل حجم المشتريات السنوية للجهات الحكومية من الشركة عن مبلغ قدره 500 ألف دولار سنويا أي ما يعادل 2 مليوناً و800 ألف جنيه تقريباً، و إذا لم يتعد حجم المشتريات هذا المبلغ فإن وزارة الاتصالات تتعهد باستكماله علي أن تتولي وزارة الاتصالات توزيع تلك البرامج علي الجهات الحكومية.

ويتضمن البند السابع من العقد شروطا تؤكد أنها لا تشمل بأي حال من الأحوال توريد صور أقمار صناعية أو إنتاج بيانات رقمية جديدة وتنحصر فقط في البيانات الرقمية الجغرافية الأساسية لمصر والمتوفرة لدي شركة كواليتي ستاندردز التي تحتفظ أيضاً بجميع حقوق التوزيع لمنتجاتها.

العقد تم تأجيله لفترات طويلة بسبب رفض رئيس وحدة نظم المعلومات الجغرافية بالوزارة التوقيع عليه، وهو ما دفع الدكتور هشام الديب- المشرف علي قطاع البنية المعلوماتية بالوزارة- لاستبدال توقيعه بتوقيع المهندس أشرف سيد عبده- المدير التنفيذي لأحد المشروعات- وترتب علي ذلك تقديم المهندس محمد عبد الفضيل إسماعيل – مدير وحدة نظم المعلومات الجغرافية بوزارة الاتصالات- استقالة مسببة إلي الوزير ابتداءً من أول أبريل الماضي إلا أنه تم قبولها لكن دون تحقيق.

وقال «إسماعيل» لـ «الدستور»: إن أسعار البرامج والخدمات التي تتيحها الشركة أكبر بكثير من المتعارف عليه عالمياً ومحلياً، وسيتم استخدام العقد لتمرير مشروعات بأكملها بالأمر المباشر لصالح الشركة الأمريكية، إضافة إلي عدم الالتزام بشرط الأمن القومي بالموافقة علي كل مشروع يتم تنفيذه من خلال الاتفاقية.

وحصلت «الدستور» علي مستند سري للغاية صادر عن نائب رئيس هيئة الأمن القومي في 28 أكتوبر 2007 بشأن عقد اتفاقية وزارة الاتصالات وشركة «إيزري» العالمية لتوفير تقنيات المعلومات الجغرافية للجهات الحكومية، ووافقت هيئة الأمن القومي علي الاتفاقية، وأكدت أنه ليس لديها مانع لكن بثلاثة شروط، أولها: الحصول علي الموافقة الأمنية لكل مشروع علي حدة سيتم تنفيذه بالجهات الحكومية باستخدام تلك التقنية، والشرط الثاني أن تتم مراعاة أمن المعلومات عند إدراج أي معلومات علي الخرائط الجغرافية وإعطائها درجة سرية طبقاً لأهمية تلك المعلومات وتقييم هيئة الأمن القومي لها علي أن يكون تداولها طبقا لدرجات السرية والمستويات الوظيفية المصرح بها.

أما الشرط الثالث لهيئة الأمن القومي فهو أن تقوم الشركة الأمريكية بتدريب العاملين بالقطاعات الحكومية بالدولة علي كيفية تطبيق برامج الشركة بحيث يتم إدراج المعلومات الجغرافية للقطاعات الحكومية بواسطة العاملين بتلك القطاعات، ويقتصر دور الشركة علي تقديم الدعم الفني.

ووفق قائمة أسعار وأنواع البرامج التي ستشتريها الحكومة من شركة إيزري الأمريكية، وهي 20 برنامجاً، وبحساب قيمة كل برنامج بعد التخفيض فإن إجمالي أسعار النسخة الأصلية للبرامج التي تشتريها الجهة الحكومية يزيد علي مليون جنيه!

أما بخصوص التكاليف الأخري للمشروع وفق الاتفاقية، فتؤكد أن تكلفة تدريب شخص واحد لمدة يوم واحد في المشروع تساوي 200 دولار أي 6000 دولار في الشهر بما يزيد علي 35 ألف جنيه تقريبا، ولا يشمل هذا المبلغ تكلفة مادة التدريب التي تساوي 250 دولاراً لكل متدرب في كل دورة تدريبية، ما يدهشك أيضاً أن راتب محلل نظم المعلومات الجغرافية في المشروع 200 دولار لكل يوم أيضاً، أي يتجاوز الـ35 ألف جنيه، وراتب المشرف علي محللي النظم 275 دولاراً في اليوم بشرط أن تكون لديه خبرة 4 سنوات، أما راتب المستشار في المشروع فيصل إلي 350 دولاراً في اليوم بشرط خبرة 8 سنوات، أي أن راتبه شهريا يقترب من 58 ألف جنيه، وراتب مهندس الدعم الفني 150 دولاراً يومياً، و راتب الباحث 75 دولاراً يوميا، وأقل راتب هو المشغل الرقمي بـ 50 دولاراً لكل يوم، وتشترط الاتفاقية أن بدل الانتقال اليومي لكل فرد في الشركة قيمته 75 جنيها يومياً!

……..

الدستور اليومى 30/06/2009