بالخرائط: فنلندا.. زيارة ذات خريف
[slideshow]
الجغرافيا امرأة متعددة الوجوه.. امرأة حبلى عشقت التاريخ حيناً، وتمرّدت عليه في أحايين كثر!. ثمة ما هو جديد حين تقذف بقدميك في مكان ما. إذاً، تنتشل حواسك من ربقة الاعتياد لتعيدها إلى مواجهة سطوة المكان: لغته، وإيقاعه، ورائحته، وطعمه، وبنائه…. إلخ، تفاصيل شتى تضيفها إلى فسيسفساء الذاكرة..
كان شيئاً يشبه الفرح والترقب يصعد بي وأنا أتّجه إلى العاصمة الفنلندية (هلسنكي)، كما لو كنت أسافر للمرة الأولى في حياتي!. ولا أخفيكم أني تساءلت عن استغرابي لهذا، فلم أجد جواباً!. قلت: ربما هي سطوة الخيال الجامحة التي رافقها معنى الذهاب إلى شمال الشمال: فنلندا!.
كنا في منتصف شهر أكتوبر، وكان الخريف خريفاً بمعنى الكلمة، وبدت أشجار الغابات التي تحيط بالمطار تتثاءب وهي تبدّل بملابسها الصيفية الخضراء أخرى تغلب عليها تقاطعات الأحمر والأخضر والأصفر والبرتقالي.. كانت الجغرافيا بكامل أناقتها وأنوثتها وهي تعرض ملابسها الخريفية الزاهية. إنها تعلن لقتامة الشتاء وجودها الأزلي في هذه الحضرة المهيبة. طائرتنا التي توشك على الهبوط في مطار هلسنكي بدت متّسقة مع المشهد العام كما لو كانت ورقة معدنية ملونة قذفت بها السماء في الوقت عينه مع ملايين الملايين من الأوراق المتساقطة من أشجار هذه الغابة المحيطة بالمطار التي يحفّها ضباب غامض وسكون لم يقطعه سوى ارتطام عجلات الطائرة بمدرج المطار.
هل لديك بطاقات؟
حين غادرت المطار (الهادئ إلى حد الكآبة) سألني سائق سيارة الأجرة التي كانت في انتظاري: هل تحمل بطاقات لسيارة الأجرة؟ وقبل أن أجيب (حين أدرك استغرابي السؤال) أردف: إنها مثل هذه، وأراني أنموذجاً لبطاقات مسبقة الدفع. قلت له: لا، قال: حسناً، لا بد أنهم تركوها لك في الفندق، وتأكد له ذلك باتصال سريع قام به للفندق.
الموقع
جمهورية فنلندا هي إحدى دول أوربا الإسكندنافية، وتقع في شمال القارة بين خطّي العرض 60 و70، ويحدّها من ناحية الشمال النرويج، ومن الشرق روسيا، بينما يفصلها عن إستونيا خليج فنلندا، ومن الجنوب الغربي بحر البلطيق، ومن الغرب السويد وخليج بوثينا. وتغطّي الغابات الخضراء نحو ثلاثة أرباعها؛ إذ تعدّ فنلندا البلد الأشدّ كثافةً بالغابات في أوربا كلها، وتبلغ ثلاثةً وعشرين مليون هكتار، وتُعرف فنلندا بالبلد الأخضر أو بلد الغابات. وتعدّ أشجار صنوبر بلاد الشمال، وشجر البيسية، والبتولا، وبعض الحور الروسي، والحور الرجراج أهم أنواع الأشجار التي تُوجد في فنلندا من الناحية الاقتصادية والتأثير في منظر الطبيعة.
وأراضي فنلندا منخفضة، كما تغطّي المياه نحو 10% من مساحة الدولة، فتكثر فيها البحيرات؛ إذ يبلغ عددها نحو مئة وتسعين ألف بحيرة صغيرة تنتشر في سائر أنحائها، منها بحيرة سايما التي تعدّ رابع أكبر بحيرة في أوربا كلها. وفي فنلندا نحو مئة وثمانين ألف جزيرة، تقع معظم هذه الجزر في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد، وعلى طول الساحل الغربي لها.
تاريخ فنلندا
استوطن الإنسان فنلندا بعد نهاية العصر الجليدي، وسكنها قوم قدموا من روسيا في الشرق، وعدد آخر من الدول المجاورة لها المعروفة بدول البلطيق. وقد شهد تاريخ هذه الدولة صراعات كثيرة بين كل من روسيا والسويد في محاولة كلّ منهما السيطرة عليها. وكانت فنلندا جزءاً من دولة السويد منذ العصور الوسطى حتى بداية القرن التاسع عشر، وشهد عام 1323م التوصل إلى معاهدة تمّ بمقتضاها تقسيم فنلندا بين كل من روسيا والسويد؛ إذ يتبع كلّ من غرب فنلندا وجنوبها السويد، بينما تتبع المنطقة الشرقية منها روسيا. لكن السيطرة السويدية على فنلندا بدأت تأخذ في التوسّع التدريجي؛ إذ قامت السويد في عام 1353م بتحويل فنلندا إلى دوقية طبّقت عليها القوانين السويدية. واستمر الحال كذلك حتى حلول القرن الثامن عشر؛ إذ تحوّلت السيطرة على فنلندا إلى روسيا. واستمر هذا الوضع حتى نالت فنلندا استقلالها من روسيا في السادس من ديسمبر عام 1917م، وأعقب الاستقلال حرب بين كلّ من البيض (الملكيين) المدعومين من ألمانيا والحمر (الشيوعيين) المدعومين من الاتحاد السوفييتي، وانتهت الحرب بفوز البيض في مايو عام 1971م، وتم إعلان الجمهورية في البلاد عام 1919م، وتوقيع اتفاق مع الاتحاد السوفييتي عام 1920م.
لكن اتفاق هتلر وستالين مهّد لاحتلال فنلندا مجدّداً من جانب الاتحاد السوفييتي في 30 نوفمبر عام 1939م في أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، ونتيجة لذلك تنازلت فنلندا في عام 1940م عن عشر مساحتها للاتحاد السوفييتي، لكنها سرعان ما أعلنت عام 1941م وقوفها إلى جانب ألمانيا في حربها ضد الاتحاد السوفييتي، حتى انتهت الحرب مع الاتحاد السوفييتي بتوقيع اتفاق هدنة عام 1944م.
ويُوجد في فنلندا عدد من الأحزاب السياسية؛ منها: حزب فنلندا الاجتماعي الديمقراطي، والائتلاف اليساري، وحزب الوسط. وتعدّ فنلندا من أولى دول العالم التي أعطت المرأة حق التصويت والأهلية التامة في الانتخابات.
السكان
تعدّ الكثافة السكانية في فنلندا – بعد آيسلندا والنرويج – الدنيا في أوربا كلها؛ فقد بلغ معدل الكثافة السكانية في أوائل عام 2002م 17 شخصاً في الكيلومتر المربع الواحد، وتتفاوت هذه الكثافة من منطقة إلى أخرى، ويقطن الثلثان منهم في المدن، بينما يعيش الثلث الأخير في الريف. ونتيجة لتزايد المواليد بعد الحرب العالمية الثانية نما عدد السكان حتى بلغ عام 1965م نحو أربعة ملايين ونصف المليون نسمة. لكن هذا التزايد تعرّض للانخفاض مرة أخرى نتيجة الهجرة في بعض الحقب إلى السويد، ثم عاد مرة أخرى ليبلغ في عام 2002م نحو خمسة ملايين ومئة وتسعين ألفاً.
والشعب الفنلندي شعب متجانس إلى حدّ كبير، وتوجد أقليات عرقية بسيطة، منهم: الصاميون، والغجر، كما أن نسبة الأجانب بين سكان فنلندا هي النسبة الأقلّ في كل أنحاء أوربا؛ فقد بلغ عدد ساكني فنلندا من مختلف الجنسيات الأخرى في آخر إحصاء عام 2000م نحو 91 ألف نسمة فقط، أغلبهم من الاتحاد السوفييتي السابق، وكذلك من آسيا، والصومال، ومنطقة يوغسلافيا القومية في أعوام 1973- 2000م.
اللغات
هناك لغتان رسميتان في فنلندا، هما: الفنلندية، ويتحدث بها نحو 93.4%، والسويدية ويتحدث بها نحو 5.7%، إضافةً إلى لغات الأقليات الأخرى؛ مثل: الروسية، والإستونية، والسامية، وغيرها. وأصبحت اللغة الإنجليزية حالياً من أكثر اللغات الأجنبية شعبيةً، وتستخدم على نطاق واسع
أهم المدن
عاصمة الدولة هي هلسنكي، وتقع في جنوب البلاد، وتطلّ على خليج فنلندا، وتأسّست هلسنكي بناءً على أمر الملك السويدي كوستا فاسا في عام 1550م على مصبّ نهر فانتا. وتضمّن الأمر الملكي نقل الطبقة البرجوازية في بعض المدن الفنلندية الأخرى إلى المدينة الجديدة هلسنكي. وكان الهدف من إنشاء هلسنكي هو منافسة مدينة تالين (عاصمة جمهورية إستونيا الحالية) الواقعة في الضفة المقابلة من خليج فنلندا على السوق الروسية، وهي مركز للمنشآت التجارية والثقافية والطبية، وهي مدينة نظيفة وجميلة؛ ففي بحث أُجري على نطاق العالم في عام 2002م حول مستوى الحياة ونوعيتها في مختلف مدن العالم جاءت مدينة هلسنكي سادس أحسن مدينة وأنظف عاصمة في كل أنحاء أوربا.
ومن أهم المدن في فنلندا: تامبيري، وأولو، وتوركو (كانت العاصمة السابقة للدولة حتى عام 1812م). ومن أهم موانئ البلاد: هامينا، وهلسنكي، وكوكولا.
البيئة
تعدّ البيئة في فنلندا – مقارنةً بالبيئات الأخرى، خصوصاً الدول المتقدمة – نظيفة وغير ملوّثة وعلى حالها الطبيعي؛ فالمواد الغذائية المنتجة في فنلندا نظيفة ونقية. وتحظى البيئة الطبيعية في فنلندا باهتمام كبير، ويعدّ قطاع المحافظة على المياه أهم قطاع في حقل المحافظة على البيئة. وقد أسّس في فنلندا عدد من المناطق المختلفة للحفاظ على البيئة، بلغ عددها تسع عشرة منطقة، من أهمها: الحدائق الطبيعية، والحدائق الأهلية، ولا يسمح بالتجوال في هذه الحدائق إلا بإذن خاص.
الاقتصاد
تشكّل الغابات عصب الاقتصاد الفنلندي؛ إذ إنها تمثِّل مصدر الصناعات الخشبية والورقية والكيماويات. وتعدّ فنلندا في طليعة مصدّري الورق والكرتون في العالم، إضافةً إلى تصدير الآنية الزجاجية، والسيراميك، والأثاث، والنسيج. كما تشتهر فنلندا بصناعة الهاتف النقال نوكيا (الاسم مأخوذ من اسم مدينة نوكيا) الذي غزت به العالم شرقه وغربه؛ إذ تبيع هذه الشركة منتجاتها في أكثر من 130 بلداً، ويبلغ عدد العاملين فيها نحو خمسين ألفاً. كذلك تزخر فنلندا بثروة معدنية لا بأس بها من النحاس والكبريت والحديد والنيكل والزنك. كما عُرفت فنلندا بإنتاج آلات صنع الورق، وبناء السفن المتخصصة؛ مثل: كاسحات الجليد، وسفن السياحة الضخمة، والسفن ناقلات الغاز الطبيعي. ويتطلب هذا النوع من الصناعة مهارة مهنية عالية، وتكنولوجيا متقدمة رفيعة، وهو ما تتمتع به فنلندا.
أما الزراعة، فهي مزدهرة في الجنوب، لكنها تعاني المناخ القاسي الذي يضرّها كثيراً. ومن منتجاتها: بنجر السكر، والغابات، والحبوب، والبطاطس. كما وصلت فنلندا إلى درجة مريحة من الاكتفاء الذاتي فيما يخصّ الثروة الحيوانية، وأغلب حيوانات فنلندا من الحيوانات التقليدية التي تعيش في منطقة غابات السرو الشمالية؛ مثل الدبّ الذي اختير (حيوان فنلندا الأهلي). وبسبب حداثة طوائف الحيوانات الفنلندية لا نجد من الأنواع الأصيلة سوى القليل؛ مثل فقمة بحيرة سايما المعروفة باسم (سايمان نوربا)، وهي من بقايا حيوانات العصر الجليدي.
اشتهر اقتصاد فنلندا بأنه اقتصاد حرّ صناعي، ويضاهي دخل الفرد في فنلندا دولاً صناعية عريقة؛ كالمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا. وانضمّت فنلندا إلى المجموعة الأوربية عام 1995م، وتبع ذلك تنازلها عن عملتها المارك، واستبدال اليورو بها. وتعدّ فنلندا من أكثر دول العالم تطوراً في الخدمات الاجتماعية، وقد وصفت إحدى إحصائيات الأمم المتحدة الشعب الفنلندي بأنه من أكثر شعوب الأرض سعادةً. وعلى الرغم من ارتفاع مستويات الأجور في فنلندا إلا أنهم لم يستقدموا أيدي عاملة رخيصة من الهند وبنغلاديش وباكستان.
التعليم
يعدّ نظام التعليم في فنلندا من أكثر الأنظمة التعليمية تطوراً في أوربا، ويرجع السبب في ذلك إلى مستوى الدراسة العالي، ودراسة اللغات، واستعمال تقنية المعلومات الحديثة، ومواكبة التطور. كما أن الهواتف الخلوية (المحمولة)، والاشتراكات في شبكة الإنترنت، هي الأعلى في جميع أنحاء العالم مقارنةً بعدد السكان في فنلندا.
كذلك تمتاز فنلندا بأنها من أكثر بلدان العالم تركيزاً في البحث العلمي، ويعود الفضل في ذلك إلى الالتزام والتعاون الكبير بين الشركات ومؤسسات التعليم العالي. وبفضل هذا التعاون احتلّت الجامعات وجامعات العلوم التطبيقية الفنلندية أفضل المراكز في التصنيف العالمي للجامعات ومراكز البحوث في العالم، وقد صنّف النظام التعليمي الفنلندي (من التعليم الأساسي إلى التعليم الجامعي) من بين أفضل الأنظمة التعليمية في العالم، واحتلّت فنلندا المركز الأول في قائمة الطلبة الأفضل تعليماً ثلاث سنوات متتالية حسب دراسات برنامج التقديم العالمي للطلاب Pisa، كما أن التعليم في فنلندا مجاني في جميع مستوياته، بدءاً من التعليم التمهيدي (ما قبل الابتدائي) إلى درجة الدكتوراه.
ومن أشهر العلماء الفنلنديين: أ. ي. فيرتانين A.I.Virtanen الذي حصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1945م، وراغنار غراينت Ragnar Granit الفائزة بجائزة نوبل في الطب عام 1967م، وعالما الرياضيات رولف نيفانلينا Rolf Nevanlinna ولارس آهلفورس Lars Ahlfors، وكذلك عالم الاجتماع إدوارد فيسترمارك Edvard Westermark.
ويُوجد في فنلندا، إضافةً إلى المدارس العليا للدفاع الوطني، عشرون جامعة، عشرة من هذه الجامعات لها أفرع علمية متعددة في العلوم، والتكنولوجيا، والتجارة، والفنون التشكيلية، وغيرها.
وسائل الإعلام
في مجال الإعلام المقروء، يوجد في فنلندا نحو 200 صحيفة تتفاوت في صدروها بين اليومية والأسبوعية والنصف أسبوعية، وتوزّع أكثر من ثلاثة ملايين نسخة. وأغلب توزيع الصحف يتم عن طريق الاشتراك. ويعدّ تداول الصحف في فنلندا بالنسبة إلى الفرد الواحد هو الأعلى في الاتحاد الأوربي، والثالث على مستوى العالم. أما بالنسبة إلى المجلات، فيصدر في فنلندا نحو 2800 مجلة، وإذا أضفنا إليها المجلات التي تصدر ربع سنوية يرتفع هذا العدد ليصل إلى 3500 مجلة.
وأودّ أن أشير هنا إلى أن شركة نوكيا العملاقة أهدت مبناها القديم الذي بنته حين كانت شركة للصناعات المطاطية ليعدّ مقراً للمجلات الشبابية المختلفة بجميع توجهاتها السياسية والمهنية المختلفة، وقالت لي المشرفة على هذا المقر: إنه يوجد في هذا المبنى وحده (اللهم لا حسد) أكثر من 150 مجلة شبابية!.
وفي مجال الإعلام المرئي، يوجد في فنلندا خمس قنوات تلفازية تغطّي عموم فنلندا. وتدير هذه المحطات شركة الإذاعة والتلفزيون الوطنية العامة التي تُعرف اختصاراً بـ(واي. إل. إي YLE). وتوجد أيضاً قناتان أخريان بملكية خاصة وتغطية عامة، إضافةً إلى ثلاثين قناة تلفازية أخرى محلية.
وفي مجال الإعلام المسموع، يوجد في فنلندا خمس قنوات للبثّ الإذاعي؛ منها أربع قنوات عامة، وواحدة تجارية. عموماً، يبلغ عدد المحطات الإذاعية التي تديرها شركة الإذاعة والتلفزيون الوطنية ثلاث عشرة قناة بثّ إذاعي، ويتجاوز عدد المحطات الإذاعية التجارية ستين محطة.
الديانة
ينتمي نحو 84% من الفنلنديين إلى الكنيسة الإنجيلية اللوثرية الفنلندية، كما أن نحو 1% من السكان ينتمون إلى الكنيسة الأرثوذكسية، بينما يدين باقي السكان بالبروتستانتية والكاثوليكية والإسلام واليهودية، بجانب نحو 14% منهم من دون ديانة.
الأعياد والعطلات
هناك عدد من الأعياد الدينية التي يُحتفل بها في فنلندا، وهي: رأس السنة الميلادية، وعيد الغطاس، وعيد الفصح، وعيد الصعود، وعيد العنصرة، وعيد جميع القديسين، وليلة عيد الميلاد المجيد، واليوم الوطني الذي يُوافق السادس من كانون الأول/ ديسمبر من كلّ عام.
الدراسة
يُسمح للطلاب الأجانب بالالتحاق بالمؤسسات التعليمة الفنلندية بعد استخراج تصاريح إقامة إذا كانت الدراسة تستغرق أكثر من ثلاثة أشهر، علماً أن كل أنواع الدراسة لا تعطي الطالب بالضرورة حق الحصول على تصريح الإقامة في فنلندا؛ إذ يجب أن تهدف الدراسة إلى الحصول على مهنة، أو التخرّج بشهادة أكاديمية. كما أن الدولة الفنلندية لا تتولى تكاليف إقامة الطلاب الأجانب، بل يجب أن يكون للطالب الأجنبي مصدر مالي كافٍ للمعيشة في فنلندا في أثناء دراسته، كما أن العمل غير مسموح به للطلاب الأجانب إلا في نطاق محدود.
المتاحف والمسارح
يُوجد في فنلندا عدد كبير من المتاحف، يتركز معظمها في العاصمة هلسنكي؛ منها: متحف أتينيوم للفنون، ومتحف التصميم، ومتحف الثقافات، والمتحف الفنلندي الوطني، إضافةً إلى عدد من المسارح؛ مثل: المسرح الفنلندي الوطني، ومسرح مدينة هلسنكي، ومسرح سفينسكا تيتيرن الفنلندي السويدي، والأوبرا الفنلندية الوطنية، وقاعة فنلندا للحفلات الموسيقية. وتقوم الدولة بدعم المسرح؛ مما يجعل أسعار التذاكر مناسبةً للجمهور، وقد قُدِّر روّاد المسرح بأكثر من مليوني شخص في العام. كما توجد في فنلندا معالم سياحية وترفيهية أخرى؛ منها مراكز ترفيهية للأطفال؛ مثل: مركز هيوريكا للعلوم، وسينما فيرن سوبر، ومركز لينانماكي، وهو من أقدم مراكز التسلية في فنلندا، وحديقة سيرينا للتسلية المائية.
الرياضة
يعشق الفنلنديون الرياضة التي يمارسونها في الهواء الطلق؛ ففي فصل الشتاء يمارس السكان رياضة الهوكي، والتزلّج على الجليد، والقفز على الثلج في المناطق الجليدية. كما يمارس السكان في فصل الصيف لعبة البيسابالو، والسباحة، وسباق القوارب، ورياضة المشي؛ إذ ينتقل آلاف السكان من المدن إلى البحيرات والشواطئ والجزر ليمارسوا ألعاب القوى، بجانب الاستمتاع بالباليه، وسماع الموسيقا، ومشاهدة الأفلام.
الشعر الشعبي
يعدّ الشعر الشعبي القومي من أقدم أشكال الأدب الفنلندي، وقد بقي هذا الشعر واستمرّ تراثاً متداولاً بين الناس بأشكاله القديمة طوال ألف وخمسمئة عام، وكانت ملحمة (كاليفالا) قد بُنيت على هذا الشعر، وهي إحدى أعظم الملاحم العالمية. وأنجبت فنلندا عدداً كبيراً من الأدباء العمالقة؛ منهم: ف. إ. سيلانبا F.E.Sillanpaa الفائز بجائزة نوبل عام 1939م، وميكا فالتاريMikaValtari، وفايو ماري Veijo Meri، وبافو هافيكو Paavo Haavikko، وآرتو باسيلينا Arto Paasilinna، وتوفا يانسون Tove Jansson التي أبدعت شخصية (البعبع المومي).
الموسيقا الفنلندية
بدأ التأليف الموسيقي في فنلندا بمعناه الحقيقي في أواخر القرن الثامن عشر، وكان أشهر الموسيقيين الفنلنديين هو جان سيباليوس Jean Sibelius، الذي يعدّ من كبار السيمفونيين في القرن العشرين. وكان لهذا الفنان تأثير كبير في جيل الملحّنين الذي جاؤوا بعده. وفي العقود الأخيرة، اشتهر عدد آخر من المؤلفين الفنلنديين، خصوصاً في حقل موسيقا الأوبرا. ومن أشهر هؤلاء المؤلفين المعاصرين: يوناس كوكونين Joonas Kokkonen، وأوليس سالينين Aulis Sallinen، وإينويوهاني راوتافارا Einojuhani Rautavaara، وإريك برغمان Erik Bergman، وكاليفي آهو Kalevi Aho، وماغنوس ليندبري Magnus Lindberg، وكايا ساري- أهو Kaija Saariaho.
كما اشتهر في فنلندا عدد من المغنين؛ منهم: سويله إيسوكوسكي Soile Isokoski، ومونيكا كروب Monica Groop، وكاريتا ماتيلا Karita Mattila، وكيم بوري Kim Borg، ومارتي تالفيدلا Martti Talvela، وماتي سالمينين Matti Salminen.
أما أشهر قادة الأوركسترا في فنلندا، فهم: بافو بريلوند Paavo Berglund، وأوكو كامو Okko Kamu، ولايف سيجيرستام Leif Segerstam، وإسا- باكا ساراسته Esa- Pekka Saraste، وأوسمو فانسكا Osmo Vanska، وساكاري أورامو Sakari Oram.
ويُقام في فنلندا عدد من المهرجانات الموسيقية السنوية؛ مثل: مهرجانات هلسنكي، ومهرجانات مدينة كوهمو للموسيقا الكلاسيكية (الحجرية) (Chambre Music)، ومهرجانات الأوبرا في مدينة سافونلينا، ومهرجان موسيقا الجاز في مدينة بوري. وإضافةً إلى الموسيقا الفنية المعروفة، هناك الموسيقا الفولكلورية التي لا تزال محبوبة من الجمهور الفنلندي. وتحقق مهرجانات (كاوستينين) للموسيقا الفولكلورية نجاحات مذهلة عاماً بعد عام، وتحظى بإقبال واسع من الجمهور الفنلندي.
مشاهير
أنجبت فنلندا عدداً كبيراً من الروّاد والمشاهير في مختلف مجالات الفنون، والآداب، والسياسة، والرياضة، وغيرها من مجالات الإبداع المختلفة؛ منهم: ميكائيل آغريكولا Mikael Agricola (1510-1557م) واضع اللغة الفنلندية المكتوبة، وهنريك جبريال بورتهان Henrik Gabriel Porthan (1739-1804م) الرائد في أبحاث العلوم الإنسانية، وألكسيس كيفي (1834-1972م) أديب فنلندا القومي، ومن أشهر أعماله: (الإخوة السبعة)، ويوهان لودفيك رونابري Johan Ludvig Runeberg(1804-1877م) شاعر فنلندا القومي، ويوهان فيلهالم سنالمان Johan Vilhelm Snellman(1806-1881م) الفيلسوف ورجل الدولة، وهو من أهم وجوه الحركة الوطنية الفنلندية، وإلياس لونروت Elisa Lonnrot (1802-1884م) الذي جمع الملحمة القومية الفنلندية المشهورة (كاليفالا)، وهيلينا شيارفباك Helene Schierfbec (1862-1946م)، وهي من مشاهير الرسّامين الفنيين في فنلندا.
وكذلك من مشاهير فنلندا: ك. غ. إ. مانيرهايم C.G.E.Mannerheim (1867-1951م) المارشال الفنلندي القائد الأعلى لقوات الدفاع الفنلندية في حرب الشتاء (1939-1940م)، والحرب التابعة (1941-1945م)، وباسيكيفي J.K.PassikivI (1870-1956م)، الذي وضع نهج السياسة الشرقية (سياسة فنلندا نحو الاتحاد السوفييتي) لما بعد الحرب العالمية الثانية، وشخصية بابا نويل (مجهول العمر) الذي يقطن في لابلاند في هضاب كوفاتوري، ويكون مجيئه في أعياد الميلاد؛ إذ يسافر على حيوان الأيل لتحية أطفال العالم، وجان سيباليوس Jean Sibelius (1865-1957م) أشهر موسيقاري فنلندي، وأ. ي. فيرتانين A.I Virtanen (1895-1973م) الكيميائي الأكاديمي الذي فاز بجائزة نوبل في الكيمياء عام 1945م، وبافو نورمي Paavo Nurmi (1897-1973م) أشهر أبطال رياضة العدو في فنلندا، وآلفار آلتو Alvar Aalto (1898-1976م) مهندس العمارة الكلاسيكية في فنلندا، وميكا فالتاري Mika Waltari (1908-1979م) أحد أدباء فنلندا الذين نجحوا على الصعيد العالمي، وأورهو كيكونين Urho Kekkonen (1900-1986م) رئيس فنلندا أطول مدة رئاسية في تاريخها، وفاينو لينّا Vaino Linna (1920-1992م) الكاتب الذي أثّرت كتاباته في تكوين رأي الفنلنديين في ذاتهم، وتوفا يانسون Tove Jansson (1914-2001م) كاتبة أدب الأطفال المعروفة ومبتكرة شخصية (البعبع المومي)، وجورج هنريك فون رايت Georg Henrik Von Wright (1916م) الفيلسوف والأكاديمي المعروف عالمياً، ويورما أوليلا Jorma Ollila (1950م) المدير العام لشركة نوكيا منذ عام 1999م، الذي اختارته مجلة الاقتصاد الأمريكية إنداستري ويك (أسبوع الصناعة) مديراً عاماً عام 2000م، وكايا ساري- آهو Kaija Saariaho (1952م) الملحنة الموسيقية الشهيرة، وآكي كاوريسماكي Aki Kaurismaki (1957م) المخرج السينمائي الشهير، وميكا هاكينين Mika Hakkinen (1968م) أشهر أبطال فنلندا في سباقات الفورمولا 1، ولينوس تورفالدس Linus Torvalds (1969م) الحاصل على الشهرة العالمية باختراعه نظام الكمبيوتر لينوكس الذي ينشر مجاناً.
حين تغادر بلداً ما يعلق بروحك شيء منها؛ أثر لا فكاك منه. لقد رأيت في فنلندا البساطة والهدوء والرقيّ والتواضع والجدية والاهتمام الشديد بقضايا البيئة، كما لمست لدى بعضهم خوفاً (غير عنصري) من تأثير المهاجرين في الثقافة والسلم في هذه التركيبة الديمغرافية المتجانسة، وليتم لا يخافون إذا كان الدستور الفنلندي يحترم إنسانيتك لدرجة أنه يمنحك حق المطالبة بإنشاء مكتبة إذا كانت أقرب مكتبة تبعد من بيتك أكثر من ميلين؟!.
المصدر: مجلة الفيصل الثقافية
تدوينات مرتبطة:
رحلة إلى قريتي (الكلادا والخشاشة) في ديار بني سعد بالطائف
المزيد:
بالخرائط: بحثًا عن الإسلام في المجر