بالخرائط: مصر .. الجغرافيا و التاريخ الطبيعي للدكتور كنت ويكس
[slideshow]
فى هذا المقال قام عالم المصريات أحمد صديق بعرض مترجم للدليل المصور لمدينة الأقصر للمؤلف كنت ويكس عالم المصريات و مدير مشروع رسم خريطة طيبة و الصادر عنه أطلس وادي الملوك و اطلس مقابر طيبة ، فى البداية يتناول وصف موقع الإقليم و تاثير المقومات الطبيعية و البشرية التى جعلت الأقصر تطيب كعاصمة لمصر في المملكة الحديثة و تبدا الزراعة بسهولة عن اى مكان بالعالم ثم جاء دور نهر النيل و الفيضان فى تحديد و قت الزراعة ونوع المحاصيل ، و أخيرا ياخذ القارى فى جولة على الضفة الشرقية و الغربية للاقصر مع مقارنة بين الوضع الان ومن ثلاثين سنة .. كيف كان الحال و ما نصيحة كنت ويكس للسائح .. أحمد مجدي
كَتَب: كنت ويكس ، ترجمة: أحمد صديق
انقسم صعيد مصر- المتمثل في وادي النيل من أسوان عند الشلال الأول إلى شمال اللشت، بالقرب من مدخل الفيوم – في عصر الأسر الحاكمة إلى اثنين وعشرين مقاطعة إدارية سماها قدماء المصريين سبات، وعرفها الإغريق بأقاليم. والأقاليم تختلف كثيرا في الحجم والثروة بحسب ما تملك من الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية الكامنة على مقربة منها. فالإقليم الأول في أسوان، على سبيل المثال، كان غنيا بأحجار البناء، واستفاد من الذهب على الحدود مع أراضي النوبة. والإقليمان الثاني والثالث وعاصمتاهما إدفو ومدينة الصقر على التوالي، ليس لديهما من الموارد سوى الأراضي الزراعية. أما الإقليم الرابع، ومقره في الأقصر واسمه بالمصرية القديمة واست، فهو غني بالأراضي الزراعية، إلى جانب جبال من الحجر الجيري، وهو قريب من الطرق التجارية الموصلة إلى الواحات في الصحراء الغربية، ومناجم الذهب والرواسب المعدنية في الصحراء الشرقية، والأودية المؤدية إلى البحر الأحمر.
ولكن الأقصر لم تكن غنية بالموارد الطبيعية وحدها. فإن ما جعل الأقصر تطيب كعاصمة لمصر في المملكة الحديثة هو شعبها: شعب مستقل، روحه وثابة، وله مهارة عسكرية، كما كان شعبا مخلصا كل الإخلاص ومتفانيا كل التفاني في ولائه لإله الإقليم المعروف بآمون، والذي كانت عبادته عاملا قويا في غرس تلك الصفات الحميدة. والأقصر التي لم تكن أكثر من مجرد قرية، أكواخها من الطوب اللبن، أيام الدولة القديمة، أصبحت بقدوم الدولة الحديثة أغنى وأقوى مدينة في العالم القديم، تضم أعظم الهياكل الدينية، وأروع المقابر والقصور التي بنيت على مر العصور والدهور.
إن ضفاف نهر النيل في الأقصر واسعة، تمتد أكثر من مسافة ثلاثة كيلومترات إلى الشرق والغرب. في الصيف من كل عام، يرتفع نهر النيل ويفيض على الضفاف، فيغمر وادي النهر من عشرين إلى ثلاثين سنتيمترا (ثمانية إلى اثني عشر بوصات) من المياه لنحو ستة أسابيع في آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر. هذه المياه كانت تحمل الطمي أو الغرين الغني بالمغذيات التي ترسبت حين تباطأت مياه الفيضان، تاركة وراءها كل عام ملليمترا آخر من التربة الغنية، حاملة ما تراكم من الأملاح. ومع انحسار الماء، كانت البذور تنثر عبر الحقول المروية، وبعد فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر تكون المحاصيل على استعداد لموسم الحصاد. فلا غرابة إذن إذا راع هذا المشهد الزوار من اليونانيين القدماء، بحيث أصبحوا على يقين بأن الأرباب قد باركت لجميع المصريين من دون العالمين، فلم تبدُ الزراعة في أي مكان في العالم القديم سهلة سهولتها في مصر.
ولما كان وادي النيل غنيا بكونه في مستوى الفيضان، فقد أخرج من الثمرات الكثير من الفواكه والخضروات، ولكنها من حيث التنوع محدودة نوعا ما. فالعلَس والشعير من الحبوب الرئيسية التي كانت تستخدم في صنع الخبز والجعة. (و لأسباب لا تزال غير واضحة، لم يظهر القمح قبل العصر اليوناني الروماني.) كما زرعوا الكراث والبصل والثوم، وكذلك العدس والحمص والفول والخس، وفي وقت متأخر من المملكة الحديثة، زرعوا الزيتون والتمور، والتين، وتين الجميز، والرمان، وأنواع البطيخ المختلفة، والسمسم والقرطم (للزيت)، وبعض الأعشاب والتوابل. ومن الأعناب صنع العديد من أصناف النبيذ. (النبيذ الأحمر هو من المشروبات المفضلة في المملكة القديمة، أما النبيذ الأبيض فكان المفضل في المملكة الحديثة.) وكان الأسلوب الوحيد المتاح للتحلية هو العسل. وربيت الماشية من أجل اللحوم والحليب؛ و كانت الأغنام والماعز والأرانب والخنازير شائعة، وشملت الطيور المتاحة عندهم البط والإوز والحمام والسمان دون الدجاج. أما صيد الأسماك و الطيور الذي كثيرا ما صورته اللوحات الجدارية على المقابر فقد كان مكملا لمصادر الغذاء المستأنسة. ومن زراعة الكتان جاءت صناعة المنسوجات الكتانية. أما الحدائق الحافلة بالزهور فكانت عامة بين معظم طبقات المجتمع. الكثير من الأطعمة التي نظن أن الإنسان عرفها منذ الأزل، مثل البطاطس، والطماطم، والذرة، والحمضيات، والسكر، لم تكن معروفة، وبالتأكيد لم تدخل مصر لعدة آلاف من السنين. فالأرز وجاموس الماء لم يكونا معروفين حتى القرن الرابع عشر الميلادي.
جاءت الزراعة إلى مصر من الشرق الأدنى القديم حوالي 5000 قبل الميلاد، و كان أول ظهور لها حول الفيوم، ثم تحركت جنوبا حتى وصلت إلى منطقة الأقصر بعد ألف عام تقريبا. ولا نعرف شيئا يذكر عن التطور الذي طرأ عليها هناك حتى مقدم المملكة الحديثة. فهناك تقدم لنا الأقصر نخبة رائعة من النصوص ولوحات المقابر تفصّل جوانب عديدة من الدورة الزراعية. على سبيل المثال، تمكنا من تتبع مسار أسعار السلع الأساسية خلال عصر الرعامسة؛ فضلا عن آليات حيازة الأراضي والمحاصيل الزراعية، والشحن والتخزين، وإعادة توزيع المواد الغذائية. فلوحات المقابر كتلك التي عثر عليها في ضريح نخت (ت. ت. 52)، تظهر تقنيات الحرث، والبذر، والري، والحصاد، والدرس، وتخزين المحاصيل.
طالما جاء فيضان النيل على نحو ليس بمنخفض جدا ولا مرتفع جدا، نمت في وفرة المحاصيل، وكثيرا ما ينتج فائض كبير. ولقد تبين نمط الفيضان الصيفي الذي ميز عصر الأسر الحاكمة حوالي 12،000 قبل الميلاد ولكن خلال آلاف السنين التي تلت، فاض “وايلد نايلز” أو النيل الهائج وأدى إلى غمر الوادي بعدة أمتار من المياه في بعض السنوات، وبالكاد سنتيمتر أو اثنين في سنين أخرى. في عصر الأسر الحاكمة، بذلت جهود من أجل التتبع والتنبؤ بفيضان النيل، فبنيت مقاييس للنيل في أماكن مختلفة على طول النهر لرصد الارتفاع. إذ كانت هذه المعلومات بالغة الأهمية: ففي عدة مرات في تاريخ الأسر الحاكمة لم تكن الفيضانات كافية لنمو المحاصيل بصورة وافية وكانت النتيجة هي المجاعة. وفي أوقات أخرى، أحدث ارتفاع الفيضانات دمارا، حطم السدود والقنوات، والقرى. ولنضرب مثلا، في عهد رعمسيس الثالث، توالت سلسلة من الفيضانات المنخفضة جلبت سنوات من الفوضى الاجتماعية والاقتصادية.
كان ترسب الغرين السنوي لنهر النيل الأثقل و الأكثف على طول ضفاف النهر، وأقل من ذلك كلما اقتربت المياه من حافة الصحراء. وكانت النتيجة أن وادي النيل أخذ تدريجيا شكل شريحة محدبة. كان اختيار السدود على طول النهر خيارا منطقيا كموقع لبناء المستوطنات إذ إن ارتفاع الأرض هناك عادة ما جعلها في مأمن من الفيضانات وغير صالحة لزراعة المحاصيل. و مع ذلك، بمرور الوقت، هجرت هذه القرى التي بنيت من الطوب اللبن هنا أو على تلال صغيرة ضمن حدود الفيضان أو دمرتها الفيضانات العالية، و من ثم انطمرت المستوطنات في نهاية المطاف في أعماق تحت طبقات من الطمي. هذا هو السبب في أن علماء الآثار حتى اليوم لا يعرفون سوى القليل نسبيا عن العمارة المنزلية في مصر القديمة بينما يحيطون علما بالكثير عن العمارة الدينية والجنازية. نحتت من الحجر المقابر، التي أُعِدّت بنْيَتها بنيّة الخلود، في الأودية الصحراوية الجافة حيث يمكن ضمان الحفاظ عليها. أما المعابد، فقد بنيت من الحجارة العادية، ولكن لأنها تحتاج إلى مداخل بحيث يمكن الوصول إليها، أقيمت على الأراضي الصحراوية قرب حافة الزراعة. وهي بصفة عامة صمدت على طول الزمن أيضا، على الرغم من أن العديد من ملحقاتها، لكونها عادة من الطوب اللبن، لم تصمد.
ترتفع منحدرات الحجر الضخمة بالقرب من حافة حقول الزراعة على الضفة الغربية في الأقصر، و في تلك التلال حفرت القبور الملكية وقبور الخاصة، لكن الحجر الجيري لم يستخدم لبناء المعابد. فالمعابد شيدت من الحجر الرملي الذي كان لا بد من جره من المحاجر مثل جبل السلسلة، على بعد 140كم إلى الجنوب. كما تم نقل الغرانيت من أسوان، والبازلت من تلال البحر الأحمر، و المرمر من الصحراء الغربية، إلى الأقصر لبناء المداخل و الأعتاب والمسلات، والتماثيل. وكانت الصحاري أيضا مصدرا للمجوهرات والأحجار الداخلية (للتطعيم)، فأنتجت الفيروز، والذهب، واليشب، والغالينا، والملكيت، والزمرد، والجمشت واللازورد، وغيرها.
تميز المصريون بالقدرة الفائقة على رصد العالم الطبيعي ووصفه بانتظام على جدران المقابر. ونظرا لموقع مصر في شمال شرق أفريقيا، على مفترق طرق تصل عدة مناطق طبيعية، فقد سكنها دائما العديد من أنواع الحيوان. و يمكننا إلى حد كبير إعادة بناء البيئة الطبيعية في الأقصر في المملكة الحديثة بدرجة عالية من التفاصيل من لوحات الطبيعة التي رسمها الفنان بدقة والتي نجدها في المقابر الخاصة في الأقصر. بذل الفنانون المصريون، الذين من المفترض أنهم كانوا يباشرون عملهم من كتاب يشبه دليل الفنان، جهودا فائقة بحيث مثلوا بوضوح الأنواع الفرعية من أنواع النباتات والحيوانات. على سبيل المثال، ميزت لوحات من الرفرافات بدقة متميزة بين الطائر صياد السمك العادي وصياد السمك المبقع. السمات الخاصة بالبجع الأبيض هي مختلفة عن تلك المستمدة من البجع الدلماسية. هذه الدقة يمكن رؤيتها أيضا في تمثيل أسماك النيل والحيوانات البرية والمدجنة، والزهور، والأعشاب، والأشجار.
لا يزال وادي النيل حتى يومنا هذا مكانا جميلا وساحرا، وينبغي للمرء أن يأخذ وقتا للتمتع بسماته العديدة. أشياء قليلة جدا تحاكي لطف الإبحار في وقت الشروق على طول الضفة الغربية للنهر. هناك، لا سيما في الخريف أثناء موسم الهجرة السنوية إلى الجنوب، يمكن أن نرى العشرات من أنواع الطيور، من طيور مالك الحزين والبجعات وآكلات النحل، و طيور أبي تمرة. فإنه ليس من غير المألوف على مساء تشرين الثاني/نوفمبر رؤية أسراب من الطيور
قوامها ألف أو أكثر تحلق على ارتفاع منخفض عبر الحقول، باحثة عن مكان لقضاء الليل.
والمشي، أو ركوب الخيل والجمال والحمير، عبر حقول الضفة الغربية على نفس القدر من المتعة، وخاصة في فصل الشتاء البارد وبعد الظهر. صحيح أن المحاصيل مختلفة اليوم عما كانت عليه في العصور القديمة، وبطبيعة الحال، يسود قصب السكر والقمح، ولكن التجربة في مجملها هي نفسها تقريبا. كل شيء هادئ باستثناء دعوة طائر أو نهيق حمار من بعيد؛ و الهواء النقي المنعش يحمل رائحة ريحان رقيقة؛ نفث من الغبار الدقيق يرتفع من طريق قريب بينما يهرول حمار غاب عنه صاحبه على طول الطريق المألوف عائدا إلى بيته. أشجار النخيل وقمم التلال البعيدة ترتفع فوق الحقول و هبّات من الدخان ترتفع من أفران الخبز بالقرية. نزهة المشاة على طول الحقول الواسعة المؤدية إلى القرى الصغيرة المبنية بالطوب اللين هي تجربة ليستمتع به.
ما زال جزء كبير من الضفة الغربية يحتفظ بطابعه الرعوي، على الرغم من انتشار المباني الجديدة من الطوب الأحمر والخرسانة، والأطباق اللاقطة للأقمار الصناعية، والمحلات السياحية، والطرق المعبدة على طول النيل، وأبعد من ذلك في غرب حافة الصحراء. ومن ثم، بمضيّ خمس أو عشر سنوات، سيكون طابع الضفة الغربية قد اختفى، وساعتها سينبغي على المرء السفر خارج مدينة الاقصر السياحية إلى منطقة ريفية ليتمتع بريف مصر. هذه التغيرات قد طالت الضفة الشرقية بالفعل. فالأقصر اليوم مدينة صاخبة امتلأت بالفنادق السياحية، والأسواق المبهرجة، والمقاهي التي تغلب عليها أصوات الموسيقى الشعبية في الشوارع المزدحمة. الأطفال يصرخون، ويُصرون على بيع الحلي الرخيصة للسياح. لدينا إحصائان يلخصان القضية: قبل ثلاثين عاما، كان بالأقصر شارعان معبدان أما اليوم فجميع الشوارع معبدة. قبل عشرين عاما، كانت الأقصر تتباهى بخمس سيارات أجرة واليوم هناك مئات.
نحن نعرف القليل عن تخطيط السهل الذي كونته فيضانات النيل في الأقصر إبان المملكة الحديثة. ومن الممكن تتبع حدود العديد من أحواض الري الطبيعية، ولكن تحديد مكان القرى، والطرق، والقنوات أمر حدسي وتخميني إلى حد كبير. تعدّ بركة هابو بين القليل من المعالم الأثرية المعروفة في المنطقة الزراعية في أقصى الجنوب. وهي مرفأ اصطناعية ضخمة حفرت في عهد الملك أمنحوتب الثالث للاحتفال الأول والثاني بعيد السد. إلى الشمال، وأيضا في إطار الزراعة، يقع المعبد التذكاري للملك، ويواجه بوابته الأولى تمثال هائل لممنون الشهير. في الطرف الشمالي من جبانة الأقصر قرية قديمة تسمى خفت-حر-نبس، ويجاورها المعبد التذكاري للملك سيتي الأول. تجري القنوات الاصطناعية خلال الحقول رابطة الموانئ الصغيرة التي حفرت قبل بناء العديد من المعابد التذكارية هنا.
أما الصحراء على الضفة الغربية فهي مسألة أخرى. ليس فقط لدينا بقايا الهياكل القديمة، بل عثرنا أيضا على بردية قديمة تسرد في ترتيب جغرافي المعابد والمنازل التي بنيت على طول حافة الزراعة. من هذه البيانات، صرنا قادرين على تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق أثرية عديدة.
يجاور الأرض المنزرعة شريط من الصحراء منخفض، تغطيه الرمال يمتد من الطرف الشمالي لمدينة الموتى إلى جنوبها. ويتراوح عرضه من مسافة أمتار قليلة فقط (نحو 10 أقدام) إلى ما يقرب من ثلاثة كيلومترات (1.8ميل). في الطرف الشمالي تقع منطقة تدعى الطارف، وهو موقع به عدة مئات من مقابر الدولتين القديمة والوسطى. إلى الجنوب، متاخما للزراعة الحديثة مباشرة، تقع سلسلة من المعابد التذكارية، وذلك بدءا من سيتي الأول و استمرارا إلى الجنوب، مرورا بمعابد أمنحوتب الأول وأحمس نفرتاري، وحتشبسوت، وتحوتمس الثالث، ومرنبتاح-سبتا، وأمنحوتب الثاني، ورمسيس الثاني، وابن تحتمس الأول، تحتمس الرابع، ومرنبتاح، ورعمسيس الرابع، وأمنحوتب ابن هابو، تحتمس الثاني، وآي، وتوت عنخ آمون، وحور محب، ورعمسيس الثالث. ويقع قصر أمنحوتب الثالث الذي يرجع إلى الأسرة 18 في الطرف الجنوبي، وبالقرب منه معبد بطلمي في قصر العجوز والمعبد الروماني في دير الشلويط حيث الطرف الجنوبي لجبانة الأقصر.
تقع العديد من التلال الصغيرة مبعثرة في هذه المنطقة الصحراوية المنخفضة، كل منها يتميز بمداخل كثيرة إلى العديد من المقابر الصغيرة المعروفة بصورة عامة بمقابر النبلاء، أو قبور الخاصة. يرجع البعض القليل منها إلى الدولة القديمة والوسطى ولكن معظمها من الدولة الحديثة. ويبلغ عددها مئات، إلا أن القليل منها فقط مفتوح للجمهور. في الطرف الشمالي من مدينة الموتي يقع ذراع أبو النجا مقابره في المقام الأول من عصر الرعامسة. بالقرب من الطريق المؤدي إلى الدير البحري نقف على العساسيف وبها حوالي أربعين مقبرة، والخوخة وبها نحو ستين. أما الشيخ عبد القرنة فهو تل ضيق طويل به ما يقرب من مائة مقبرة. أما عن قرنة موراي، على جانب الطريق المؤدي إلى دير المدينة فبها حوالي سبع عشرة مقبرة.
وراء هذه التلال الصغيرة تقف المنحدرات الشديدة في جبل الأقصر. في قاعدتها العديد من المعابد التذكارية أشهرها ثلاثة في الدير البحري شيدها منتحوتب الأول، وتحوتمس الثالث وحتشبسو
داخل التلال الصغيرة في الأقصر قام المصري القديم بدفن الأسر الملكية في الدولة الحديثة في أودية صغيرة بالإضافة إلى دفن العمال المسؤولين عن حفر وتزيين قبورهم. وقد عاش هؤلاء العمال ودفنوا في دير المدينة. وإلى جنوبها يقع وادي الملكات، وبين هذين الموقعين، ما يسمى وادي الدولمين. كما بنيت العديد من الأديرة القبطية في هذه المنطقة. وادي الملوك، في الواقع واديان، شرقي وغربي، يقع في أقصى الشمال إلى الغرب، عند قاعدة أعلى نقطة في تلال الأقصر، تسمى “القرن”. وهناك مناطق كثيرة أخرى على الضفة الغربية تؤوي معالم أثرية، ولكن معظمها لا يزال خارج إطار الدراسة والنشر كما يتعذر على السياح الوصول إليها.
على الضفة الشرقية لنهر النيل تقع المجمعات الرئيسية لمعبد الكرنك والأقصر، وكذلك مدينة الأقصر القديمة، و هي الآن مدفونة تحت مدينة الأقصر الحديثة.
معظم سياح الأقصر يقضون يوما واحدا فقط على الضفة الشرقية ويوما آخر على الضفة الغربية. ولكن المواقع هنا عديدة ومثيرة، فإذا كان ممكنا، ينبغي قضاء مزيد من الوقت على جانبي نهر النيل. على الأقل، على الضفة الغربية على المرء أن يرى مقابر في وادي الملوك، ومجموعة مختارة من مقابر النبلاء، والدير البحري، ومدينة هابو. إن عدد الآثار التي يمكن زيارتها في كل من هذه الأماكن يمكن أن يمتد لملء كل ما هو متاح من الوقت، ويمكن إضافة وادي الملكات، ودير المدينة، والرامسيوم، ومعبد سيتي الأول إلى القائمة. أما في الضفة الشرقية، فالكرنك وحده يستحق يوما كاملا، والأفضل، يومين في الصباح، وينبغي للمرء أن يمضي بضع ساعات في معبد الأقصر ومتحف الفن القديم بالأقصر. إنّ قضاء يوم سائرا في حقول الضفة الغربية وقراها، والوقوف في كثير من الأحيان لتناول الشاي والمحادثة، أو المشي فوق تلال الأقصر للتملّي من روعتها، قد يكون أفضل أسلوب للتمتع بهذه الزيارة.
المصدر: أحمد صديق
تدوينات مرتبطة :
خرائط مرتبطة :
مدونة ممتازة ورائعة شكرا لك …
بارك الله فيك جيد جدا …
روعة مصر جميلة