الفرق بين إدارة المشروعات وتحليل وتصميم النظم في نظام المعلومات الجغرافية
مع دكتور / وسام الدين محمد
جرت مناقشة بيني وبين بعض الزملاء حول منشور سابق أشرت فيه إلى أهمية إدارة المشروعات كعلم ومهارات للمشتغلين في نظم المعلومات الجغرافية، خاصة المؤهلين لشغل وظائف مديري مشروعات نظم المعلومات الجغرافية أو الاستشاريين، وقد خلصت من هذه المناقشات إلى المبتدئين وشباب المشتغلين بنظم المعلومات الجغرافية يعانون خلطًا شديدًا في المفاهيم، ولذلك قررت أن أوضح بإيجاز هنا الفرق بين مفهوم (إدارة المشروعات Project Management) ومفهوم (تحليل وتصميم النظام System Analysis & Design)، وهما المفهومين الذي بدا أن أكثر المشتغلين بنظم المعلومات الجغرافية يخلطون بينهما.
أولًا، تحليل وتصميم النظام نشاطين، الأول نشاط تحليل النظام والغرض منه فيهم طبيعة العمليات التي يستخدمها العميل، ومدخلات كل عملية ومخرجاتها، وسبل التحقق من دقة العمليات، ودورة العمل، وحاجات العميل، وللقيام بهذا النشاط يقوم System Analyst بعمل لقاءات مع العميل وموظفيه ويراقب العمليات، وقد يستخدم نماذج مطبوعة واستبيانات لجمع المعلومات من الموظفين؛ ثم يأتي النشاط الثاني وهو تصميم النظام، وهو ما يعني عكس صورة نظام العمل التي قام المحلل باستخلاصها، إلى صورة رقمية تشتمل على قواعد بيانات وقواعد منطق العمل وما يتبع ذلك من شاشات وتقارير. تحليل وتصميم النظم ليس مقصور على نظم المعلومات الجغرافية، بل يستخدم في كافة تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وفي سياق نظم المعلومات الجغرافية نجد شركة ESRI قد قامت بطرح دليل لتحليل وتصميم النظم في بيئتها لنظم المعلومات الجغرافية بعنوان System Design Strategies، وهو يعكس تجربة الشركة والعاملين فيها، ولكنه ليس كتابًا مقدسًا لتحليل وتصميم النظم في مجال نظم المعلومات الجغرافية، فكثير من المشتغلين بنظم المعلومات الجغرافية يقومون باستخدام طرق عامة لتحليل وتصميم النظم، خاصة لهؤلاء المشتغلين على تطوير أنظمة هجينة، كتلك الأنظمة التي تجمع بين أكثر من برنامج AutoCad/ArcGIS أو Bentley MicroStation/QGIS، أو تلك التي تدمج بين البرامج والعتاد كأنظمة جمع بيانات تلوث الهواء.
إدارة المشروعات، نشاط يتطلب تحديد موارد المشروع، وتخصيصها واستخدامها ومراقبتها لإنجاز المهام التي يتكون منها المشروع بالطريقة المثلى، في الوقت المحدد وفي ظل الميزانية المحددة، وقد يتضمن أنشطة أخرى، كتوقع المخاطر التي يمكن أن تؤثر على تنفيذ المشروع (التضخم وزيادة أسعار الخامات مثلًا)، وإعداد خطط لتجاوز هذه المخاطر وتحجيم تأثيرها على إتمام المشروع. نلاحظ هنا أن إدارة المشروعات لا تتعلق بطبيعة أعمال العميل ولا دورة أوراقه ولا شيء من هذا القبيل، أنها تتعلق بإنجاز المهام بصورة صحيحة. في مجال نظم المعلومات الجغرافية موارد المشروع تتمثل في بنيته التحتية من عتاد وبرمجيات وبيانات، والأفراد المشتغلة بالمشروع، بينما يمكن أن نضرب أمثلة على المهام المطلوب إنجازها بجمع البيانات حقليًا وإنشاء قواعد البيانات، وتطوير واجهة الاستخدام، ولا يهتم مدير المشروع بالتفاصيل الفنية للمهمة، فلن يسأل عن مخطط قاعدة البيانات، ولكنه يسأل عن الموارد اللازمة لإنجاز هذا المخطط، ومن مسئول عنه، والمدى الزمني والموارد اللازمة لإنجاز هذه المهمة. إدارة المشروعات لها مناهج مختلفة، وتستخدم في كافة نواحي الحياة، حتى ربة المنزل التي ترتب قائمة مشترياتها لتوفير الوقت والجهد، فإنها تستخدم مناهج إدارة المشروعات بطريقة عفوية، ومع ذلك فهناك مثلًا معهد إدارة المشروعات Project Management Institute PMI واحد من أكبر المؤسسات في العالم التي تتعهد بتدريب المشتغلين بإدارة المشروعات، وتعتبر شهادة مدير المشروعات المحترف Project Management Professional (PMP) التي يرعاها المعهد من أهم الشهادات في هذا الحقل.
في النهاية، في إطار عمل مشروعات نظم المعلومات الجغرافية، تحليل وتصميم النظام وإدارة المشروعات، لاعبان في فريق واحد، لا متنافسان، وكما أنه لا يمكن إحلال حارس المرمى بالمهاجم في فريق كرة القدم دون انتظار خسائر كبيرة تنال الفريق، لا يمكن إحلال إدارة المشروعات بتحليل وتصميم النظام أو العكس ثم توقع أن يحقق المشروع أهدافه.
د. وسام الدين محمد