“حالة المدن العربية” من برنامج الامم المتحدة
– الكتاب: حالة المدن العربية 2012.. تحدي التحول الحضري
– المؤلف: مجموعة من الخبراء والمختصين
– عدد الصفحات: 248
– إصدار: برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل)، نيروبي، كينيا
– الطبعة: الأولى 2012
عرض / زياد منى
يقول الكتاب عن المنظمة التي أصدرته: برنامج “الموئل” يساهم من خلال أجندة العمل هذه في مجمل غاية نظام الأمم المتحدة والتي تهدف إلى الحد من الفقر وتعزيز التنمية المستدامة. كما تتضمن نطاقاً واسعاً من الشراكات مع الحكومات، والسلطات المحلية، ومجموعة واسعة من المنظمات الدولية غير الحكومية في قطاعات متعددة، إلى جانب عدة فئات من المجتمع المدني.
التقرير
ثمة نسختان من هذا التقرير: الأولى متكاملة باللغة الإنغليزية، والثانية باللغة العربية موزعة على أربعة أجزاء، وكل جزء منها يحوي أقساما كثيرة. أما الأجزاء الأربعة الرئيسية فهي:
1- حالة المدن العربية لعام 2012، ويحوي القسم الأول ملخصات الأبواب الخاصة بالأقاليم الفرعية (منطقة المشرق العربي، والمغرب العربي، ودول مجلس تعاون الخليج العربية، دول الجنوب). ويضم هذا الجزء كثيرا من التفرعات والتقارير الإحصائية على نحو عام. ويضم القسم الثاني من هذا الجزء فصل “حالة مدن دول المشرق العربي” وهي: مصر، والعراق، والأردن، ولبنان، وفلسطين، وسوريا).
2- حالة مدن دول المغرب العربي (الجزائر، وليبيا، والمغرب، وتونس، وموريتانيا).
3- حالة مدن دول مجلس تعاون الخليج العربية (البحرين، والكويت، وعُمان، وقطر، والسعودية، والإمارات).
4- حالة مدن دول الجنوب (جزر القمر، وجيبوتي، والصومال، والسودان “قبل التقسيم”، واليمن).
هذا التقرير يقدم كمية كبيرة من المعلومات التفصيلية عن مختلف مجالات الحيوات في المدن العربية الرئيسية، ولذا يمكن القول إنه مهم لدارسي المادة وللمشاركين في التخطيط الاقتصادي الاجتماعي، إضافة إلى العاملين في مجال تطوير المدن وبناها التحتية.
ونظرًا لكمية المعلومات الهائلة التي يحويها التقرير، فإن هدف عرضنا هذا هو استقطاب اهتمام أهل الاختصاص للاطلاع عليه وتقويم النتائج التي توصل إليها، ودراسة التوصيات بالخصوص.
ثمة أسباب كثيرة تفرض على المساهمين في إعداد هذه التقارير التعامل مع كل إقليم على حدة، فالتباين واضح في عدد السكان والكثافة السكانية ومساحة كل دولة ومواردها الطبيعية ومقدار دخلها ودخل الفرد، ومن ثم التحديات التي تواجه كل دولة على حدة. لذا فإننا سنركز في استعراضنا هذا على النقاط الرئيسية التي نرى أنها مهمة للقارئ، ومن ثم للعرض.
يقول التقرير إنه مكمل لتقرير حالة مدن العالم للأعوام 2010/2011، وللتقارير عن حالة المدن الأفريقية.
ويضيف إن المنطقة العربية تعد من أكثر مناطق العالم تحضرًا. وبالنظر إلى أن عدد سكان الدول العربية بلغ عام 2010 نحو 357 مليونا، أكثر من نصفهم (56%) يعيش في المدن، وهو ما يساوي أربعة أضعاف معدل النمو المسجل عام 1970، مع توقع زيادة هذا العدد عام 2050 إلى نحو 650 مليون نسمة، سيقطن 68% منهم في المدن، بكل ما يحمل ذلك من تبعات على البنية التحتية للمدن وضرورة تصدي السلطات للتحديات المقبلة، ومنها مشكلات تلوث الهواء وتوفير مياه الشرب النظيفة والتخلص من النفايات السامة في التربة وشبكات الطرق التي تساعد في ربط مختلف مناطق الدولة الواحدة بعضها ببعض، وبالدول المجاورة.
من ناحية أخرى يلاحظ التقرير مقدار الفقر بين سكان الدول العربية، حيث يصل إلى متوسط مقداره 18%، لكن الوضع يختلف من بلد إلى آخر بحسب ثروة البلاد. فدخل الفرد في دول الخليج العربي والذي تتصدره دولة قطر، يتجاوز بكثير دخله في بلاد فقيرة.
والتقرير في جوهره يثني على التخطيط الحضري في معظم دول مجلس التعاون الخليجي حيث تتميز ببنية تحتية متقدمة، وربما يعود هذا في جزء منه إلى أن معظم مدنها حديثة للغاية.
وإضافة إلى هذا التفاوت في الدخل العابر للحدود، ثمة تفاوت آخر في مقدار الدخل في داخل الدولة الواحدة، ونعني بذلك الفرق الكبير بين دخل الفرد في المناطق الريفية مقارنة بدخله في المناطق الحضرية.
في الوقت نفسه فإن التقرير الذي يعتمد في تحليله على مرجعيات وأرقام توفرها الحكومات صاحبة العلاقة، يؤكد تمكن دول مجلس التعاون الخليجي من تحقيق معظم الأهداف التنموية، بينما لا يتوقع تمكن أي من الدول الأخرى من تحقيق الأهداف المعلنة.
ولا شك في أن الصراعات في بعض الدول العربية والتي تطورت إلى مستوى الحروب الداخلية والتمردات، ستؤثر كثيرًا في كبح أي تطور مأمول. وهنا يلاحظ التقرير أن ما يساهم في عملية التحضر، أي انتقال السكان إلى المدن، هو النزاعات الداخلية، حيث تأوي الدول العربية مجتمعة أكبر عدد من اللاجئين، واعتماد نمط محدد من التطور الاقتصادي مثل البناء واستخراج النفط ومشتقاته وما إلى ذلك.
كما وجب تذكر أن الصحراء تشكل ما مقداره 90% من مساحة جزيرة العرب، فمن الطبيعي انتقال السكان إلى المدن والإقامة فيها بحثًا عن عمل مما يشكل عبئا إضافيًا عليها. ومن المشاكل الأخرى التي تواجه عملية النمو، المركزية الإدارية وعدم منح الأقاليم فرص التطور الممنوح للمدن.
وهناك أيضًا مشاكل مرتبطة بمقدار الشباب من مجموع السكان (60% تحت سن 25 عاما من إجمالي عدد السكان)، حيث يتطلب الأمر توفير فرص عمل وأمكنة الدراسة.. إلخ. فعلى سبيل المثال يبلغ مقدار العاطلين عن العمل بين الشباب في الكويت (11%) بينما يرتفع إلى 35% في المغرب، وهذه كلها أرقام رسمية، ومن غير المستبعد أنها أعلى من هذا بكثير.
والتقرير يشير إلى انتشار ما يعرف بالمناطق العشوائية، أي المناطق السكنية التي أقيمت على تخوم المدن دون تخطيط ودون توفير المستلزمات الضرورية للحياة، مثل توفير مياه الشرب وقنوات الصرف الصحي وغير ذلك من الخِدمات الأساسية لأي تجمع بشري.
تضاف إلى ذلك كله ضمن أمور أخرى، مسألة الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة ونقص كبير في الأمطار، مما يؤدي بالضرورة إلى انتشار الجفاف ويقود بدوره إلى خفض مستوى الإنتاجية الزراعية بمقدار يراوح بين 10 و40%.
ومن الآثار الجانبية -الخطيرة حقًا- للتوسع الحضري، القضاء على المواقع التاريخية التي تتميز بقيمة حضارية لا تقدر بثمن.
في الواقع، إن مجموع المشاكل والتحديات التي تواجه مختلف المدن العربية أكبر من أن تحصر في عرض مختصر، ولذا رأينا أن نركز في عرضنا هذا على المشاكل الرئيسية.
النتائج والرسائل
يخلص التقرير المطول إلى أهم النتائج والرسائل الواجب استخلاصها، ويلخصها في نقاط رئيسية أهمها:
– شهدت المنطقة العربية بين عامي 1970 و2010 نموًا في الكثافة الحضرية بمعدل أربعة أضعاف، وسيتضاعف هذا المقدار حتى عام 2050.
– بما أن معدلات النمو الحضري سيتم استيعابها في المدن المتوسطة الحجم، فمن الضروري تعزيز المقدرات والكفاءات الإدارية لتتمكن من التعامل مع هذه التطورات.
– ثمة أسباب عديدة للنمو الحضري في بعض الدول العربية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالنمو الاقتصادي والهجرة إلى الدول الثرية بالنفط والجفاف والنزاعات الداخلية.. إلخ.
– عدد اللاجئين في الدول العربية عام 2010 بلغ أكثر من سبعة ملايين نسمة، يضاف إليهم نحو عشرة ملايين نازح و15 مليون عامل وافد لأسباب اقتصادية.
– أساليب الإدارة الحالية تتميز بدرجات عالية من المركزية، وتقوض بذلك مستوى كفاءة السلطات المحلية، إضافة إلى إعاقة المشاركة السياسية في المناطق الحضرية والقضاء على الروابط بين المواطن والسلطة الحاكمة.
– تم تحقيق تقدم ملموس في بعض الدول العربية في مجال تنظيم المناطق العشوائية الحضرية، ويمكن للدول العربية الأخرى التي تعاني هذه المشكلة الاستفادة من تجارب شقيقاتها.
– المضاربات العقارية تعيق بل وتمنع توافر مساكن لذوي الدخل المحدود.
– التهديدات المتزايدة الناتجة عن انعدام الأمن الغذائي والمائي في المناطق الحضرية، تعد أبرز التحديات التي ستواجه البلاد العربية في المستقبل المنظور، وستؤدي بالضرورة إلى اضطرابات اجتماعية في المدن.
– المنطقة العربية تعد إحدى أقل مناطق العالم في مجال التكامل التجاري الداخلي، وسبب ذلك انعدام الاستفادة من آليات التكامل الاقتصادي بين مختلف الدول العربية، إضافة إلى انعدام التنسيق على صعيد البنية التحتية الإقليمية المادية والسياسية.
– ثمة حاجة إلى مزيد من التعاون بين الدول العربية بهدف إيجاد مكان إستراتيجي لها في خريطة العالم الآخذ في العولمة.
لا شك في أن التحديات التي تواجه العرب -ليس فقط في المدن- كبيرة للغاية، والحراكات الشعبية المندلعة في كثير من وطننا العربي ستزيد من هذه المشاكل وتعقيداتها، مما يتطلب جهدًا يقوم عليه علماء من أهل الاختصاص في مختلف المجالات.
المصدر: الجزيرة
المزيد:
التقرير العالمى للمستوطنات البشرية 2011
تدوينات مرتبطة:
السلام عليكم ورحمة الله ،، هي ديه الجغرافيا بالحق هي ام العلوم لك وافر الشكر الاستاذ احمد على العين اليقظة تماما واتقدم بوافر شكري على اهتمامكم البالغ على ما تبذلوه من مجهود كبير ،، كل التحية من جغرافي شرب من ماء النيل ،،،